Travelers Story (Missing)

I once wrote an illustrated story about a group of travelers. These are the illustrations, in order; you can imagine the narrative.

في حب اليابسة


البحر

يَغرق فيه الثقيل ويَضيع فيه الوحيد، لا ثبات لمادَّته ولا وضوح لقاعه، لونه انعكاس للسماء وشكله يحدده الهواء، يسحب إطاره القمر وتزيد حجمه الشمس، إذا هاج دخل اليابسة ودمَّر، يُخبئ الطعام والجواهر في بطنه فيستغل جوع الفقراء وجشع الأثرياء، يعطيهم ما أرادوا مرة ويُخيِّب أملهم مرة ويسلب حياتهم مرة، ثم يعودون، هو السكون والجمال إذا أراد استدراج البشر وهو العملاق الكاسح إذا ملَّ تطفُّلهم، لا يأمنه إلا نادم ولا يعبره إلا محظوظ، من وصل وسطه لم يرى إلا الأمواج الراقصة ومن غاص في مائه إستغرب عدد سكانه وإتساع أبعاده، تقسمه طبقات وتربطه ممرات فلا يُعرف إن كان واحدٌ أم أكثر أو إن كانت بدايته نهاية أم نهايته بداية، يا صديقي إن وقفت أمامه تفَكَّر وإن قرَّرت دخوله إحذر، فالبحر غير اليابسة.

الهواء

لونه مستور وفعله مفضوح، يغلبه الرمل حيناً و يغلب الجبال أحياناً، لا وزن له إذا هدأ ولا صوت له إذا ركد، هو امتلاء الفراغ والموجود إذا غاب الموجود، يحمل السحاب والطيور وآلات الإنسان ولكن لا يطول الوقت حتى تلاشت السحب ونزلت الطيور وتعبت آلات الإنسان، لا دوام للسابح في فضائه ولا استمرار للمحلق في أجوائه، كل طالع فيه نازل وكل نازل منه مُرغم، إذا غضب رَعَد وإذا ثار بَرَق، يهيج فيقتلع ما في الأرض من أشجار وبيوت ويرميها في السماء أو هو يجذب ما في السماء من طيور و آلات للإنسان ليسحبها إلى الأرض، يبعثر ما قد كان مرتب فتختلط الأشياء وتنحرف المسارات وتتغير الخطط، يتغلغل إلى أصغر المساحات فلا تعيقه الحوائط ويحتل أكبر الساحات فلا ترده الجيوش، يا صديقي إن وقفت أمامه تفَكَّر وإن قرَّرت صعوده إحذر، فالهواء غير اليابسة. 

اليابسة

هي محل اسقرار الأقدام والأقدار، ثابتة بين المتحركات ومتوازنة بين المتقلبات، يجري عليها الزمن ويتخطاها و هي مجودة مكانها لا تتغير، ليس لها زمن بل الزمن له يابسة يقف عليها ليحدد طريقه، هي هي منذ الأزل، تحمل الماء والسماء وكل ما وُضع عليها دون تعب، منها وعليها تبنى البيوت صداً لطغيان البحر وما تقذفه السماء، من نام عليها وجد نفسه مركز للكون السابح بأفلاكه ومجراته، يستيقظ مطمئناً بأنه على الأرض التي نام عليها ذاتها بينما تغير البحر من جنبه وتبدل الهواء من فوقه، هي الوطن دوماً و الراحل عنها مسافر، تاريخها مكتوب في صخرها وحاضرها واضح على سطحها ومستقبلها إعادة للتاريخ، النظر إليها سعادة والسجود عليها عبادة، يا صديقي إن أردت راحة في حياتك ومستقَراً لمماتك لا تسكن غير اليابسة.