سبع قصائد في العمارة

1

لم يغزُنا الرمل بغتة

أتت حبة، تلت حبة

حفنة على ذاك الرصيف

كومة في زاوية

تلّ صغير في زقاق

شطّ ترابيّ على الخطّ السريع

فلم نصحُ

مرحى ظللنا بين أحلام الربيع

حتى اندفنّا تحت كثبان الرمال

فاستفقنا في قبور من تخاريف الخيال

مثل بعْثٍ صار بعد أنْ عمّ الممات

ننبش الأرض بحثاً عن حياة

لا نقابل غير جيفات عراة

وصحراء عميقة

لا بها نوح أو سفينة

أين المدينة؟ 


2

كلبٌ عوى

في ليلة لن ينسها 

أرضٌ صلبةٌ صحراء

بين العمائر والشقاء

قانونها الصخريّ ذاب

في لحظةٍ ملعونةٍ فانساب

كان يمشي فوقها رجلاً

رأى الكلب يعوي فهلع

حَسّ الأرض تخسف تتّسِع

رجلاه تهرولان على الهواء

معلّق بين حفرةٍ وسماء

ثم هوى

فاستغرب الكلب أين اختفى؟

وظلّ مع الريح يعوي. 

3

هل سمعتم بالعمارة؟

تلك التي لا تنتهي

بِدؤها عند الإشارة

وآخرها سرمدي


هل سمعتم بالعمارة؟

تلك عابرة الدول

لها باب في السمارة

وباب في زُحل


هل سمعتم بالعمارة؟

صنع آلاف السنين

أُسقطت فيها شرارة

فانمحى صنع السنين. 

4

عند طاولته المكتظة بالألوان

يعمل في ضوء مصباح ساطع

يربط أطراف المدينة

يرقّع انشقاقات الطرق

ينسّق بين منطقة وأخرى 

يكسو فضاءات قبيحة

يصفّف بعثرة المباني

يضبط أرصفة مُعرّجة

يوسّع رُقُعات الحدائق

يشدّ شريطاً ساحلياً

سمّوه خيّاط المدينة

يبدأ بخرقٍ رُسمت عليها الخرائط

يصمّم، يقيس، يقصّ، يخيطُ

يحوّل تناقضات الأقمشة

إلى حُلّة للعيد.


5

أول ما فعلنا طرد الأجانب

وأقفلنا الحدود خلفهم

ثم قسّمنا الناس على الأماكن

لكل طائفة منطقة

ولكل عشيرة شارع

ولكل عائلة بيت

ولكل جيل طابق

ولكل فرد غرفة

ولكل زوج سرير

هكذا عشنا ومتنا

نبغي نقاء الوجود

متطهّرون من التواصل

نكفّر بالحوائط الذنوب

فدين آبائنا الجدران

وإنا على دينهم سائرون.


6

في مدينة الفشل

عندما عمّ الفساد

كان صاروخ الأمل

وحده أمل العباد


يا صاروخ خذنا

إننا عفنا البقاء

أينما سرت سرنا

لاجئون إلى الفضاء


وإذ بالأرض ترجف

وإذ في الجوّ نار

صارت الأحلام تُنسف

واكتسى الأملُ الغبار


7

هناك مدينةٌ

شقراء

بيوتها طينيّةٌ

حمراء

دروبها رمليّةٌ

صفراء

زروعها وفيرةٌ

خضراء

سماؤها كبحرها

زرقاء

وجوهها كريمةٌ

سمراء

هناك مدينةٌ

شقراء