أرميه بنظرة انزعاج كلما ضغط على زر الجرس، العَمل الذي يقوم به كل دقيقتين تقريباً، الجرس صوته عالي، يجرح الهدوء الذي هو ثالثنا في هذا المصعد و الذي تربطني به علاقة وثيقة. ها هو يسِلُّ إصبعه المرتجف مرة أخرى و يطعن به باتجاه الزر.
- هم عرفوا أن المصعد عالق، و سيخرجوننا بعد قليل، لا داعي للجرس. أقول له.
ينظر إليَّ بانفعال، هذه أول مرة نوجه حديثنا لبعض منذ توقف المصعد بين الطابقين الخامس و الرابع، كانت كل كلماتنا السابقة همسات للنفس.
- أنا مستعجل.
أفكر قليلاً، أحاول أن أقرر ما إذا كنتُ أريد أن أتحدث مع هذا الرجل الخمسيني الأنيق، سكوتي سيقتل الحوار، في الحقيقة أنا لا أعرف كم ستطول عملية إصلاح المصعد، أقرر.
- ما الذي يجعلك مستعجلاً؟
يفاجئه سؤالي، يتمهَّل، يتنفس بعمق.
- لدي موعد في المحكمة.
أحاول أن أعرف ما إذا كان هو المتَّهم أم الشاهد أم المحامي أم القاضي من شكله ولِباسه، أعجز عن ذلك.
- ما القضية؟
يلتفت إليَّ باستغراب، متعجباً من وقاحة السؤال، لكنه يستسلم.
- يتهمونني بالقتل، أنا في هذا العمر بعد أن استقرَّت حياتي أخيراً يتهمونني بالقتل.
لسبب ما لا أشعر بالقلق كوني عالق في مصعد مع قاتل محتمَل، كل ما أشعر به هو الرغبة الجامحة لمعرفة المزيد.
- لا تبدو لي كقاتل.
يبتسم بحزن و يقول: شكراً، إذاً ماذا أبدو لك؟
- من الممكن أن تكون سارق أو غاسل محترف للأموال، و لكن ليس قاتل.
بعد لحظة من الصمت ينفجر ضاحكاً و يداه تلوحان في فضاء المصعد الصغير، نجاح نُكتتي يعطيني الجرأة للإستمرار.
- لكن قل لي بصدق و أعدك أنني لن أخبر الشرطة، هل أنت قاتل بالفعل؟
فجأة إنقلبت تعابير وجهه و تجهم بغضب، كَبت الكلمات التي كادت أن تخرج من فمه بصعوبة و أدار وجهه عني. بعد لحظة، عاد للضغط على زر الجرس باستعجال.
No comments:
Post a Comment