قالوا له، ذلك الذي يبني بيته: إرفع أسقف بيتك قدر ما استطعت ففي ارتفاع السقف جمال للدار لا يعوضه عرضٌ و لا طول، كما أن في فضاء الارتفاع حرية للبدن ونزهة للعين ومسبح للروح، ألم تعلم أن صحة البيت مبنية على اثنين: نور الشمس و برودة الهواء، ولا من صفة للبيت تستقبل النور وتنعش الهواء كما يفعل ارتفاع الأسقف، يا من يبني بيته ارفع أسقفك لتسعد.
راح ذلك المسكين و خياله يرقص على نغمات ما سمع، وقال للبنّاء: إرفع أسقف بيتي قدر ما استطعت فكما عرفت للتو أن في ارتفاع الأسقف بركة للمسكن وخير للساكن. إستجاب البناء لما أُمر وصار يرفع من الأسقف أقصى ما تتحمل الأعمدة، حتى عندما اكتمل البناء كان البيت هو الأعلى في الحي.
في يوم الانتقال إلى البيت الجديد تجمَّع أهل الحي عند الباب ليباركوا للمسكين وعائلته المسكينة اكتمال هذا البيت الشاهق وليمدحوا ذكائه في التصميم. ابتهج المسكين بانعجاب الناس فبرزت ابتسامته طوال عملية نقل الأثاث من الشاحنة إلى باب البيت. ثم عرض الناس عليه أن يساعدوه في حمل الأثاث إلى طوابق البيت الثلاثة طمعاً منهم بالتمتع بمنظر الأسقف المرتفعة.
هنا بدأت حقيقة الأسقف بالانكشاف: لم يطل الوقت حتى تعب الناس من حمل الأثاث صعوداً على عتبات الدرج العديدة: الأسقف المرتفعة تؤدي إلى أدراج عميقة كأنها جبال عاتية عند الصعود ووديان سحيقة عند النزول. أُرهق الناس من تسلقهم المستمر وعلى ظهورهم ثقل الأثاث فكانت أعينهم تسابق أقدامهم في عد العتبات اللانهائية، حتى أنهم نسوا أن يرفعوا نظراتهم للأسقف المرتفعة.
بعد بضعة أشهر من الاستقرار في البيت الجديد ظهرت مشاكل أخرى سببها ارتفاع الأسقف، فكلما انطفأت لمبة أو سالت قطرات ماء من فتحات التكييف اطُّر المسكين لجلب أطول سلم وجده في السوق، فأصبحت عملية تغيير لمبة رحلة مرعبة و خطرة: يصعد السلم مرتجفاً و جميع أفراد عائلته المسكينة يتشبثون بأرجل السلم لمنعه من التأرجح والسقوط. عند وصوله إلى الأعلى يضطر إلى رفع كلتا يديه للفك و التركيب فيشعر أنه سيهوي إلى نهايته في أي لحظة، يحاول جهده منع عينيه من اكتشاف بعده عن الأرض و يلهي نفسه بهمسِ ما يتذكر من الآيات والأدعية.
في أول ليالي شهر رمضان لذلك العام فكر المسكين أن يصعد إلى السطح ليرى ما إذا كان ارتفاع البيت سيمكنه من رؤية الهلال. لهذه المهمة قرر أن يدعوا بعض جيرانه ذوي الخبرة، فكانوا خمسة عنما صعدوا السطح ساعةً قبل الغروب. سرعان ما وصلوا انبهروا جميعهم بجمال منظر الشمس المحترقة على نار الأفق و السماء المشتعلة حُمْرة و صُفْرة. بعد لحظة من التأمل الهادئ لاحظوا أنهم لم يكونوا وحدهم المنعجبون بذلك المنظر الخلاب، فالطيور كانت على امتداد الدرابزين وأنابيب المياه وآلات التكييف، بل و كان السطح مليء بالريش المبعثر والأعشاش المهجورة والبيض المكسور وأشياء أخرى! وقتها عرف المسكين أن الطيور تحب أن تقيم بيوتها على الأبنية المرتفعة، وأن لكل قرار معماري نتائج كثيرة، بعضها واضح وأكثرها لا يكشفها إلا الزمن.
راح ذلك المسكين و خياله يرقص على نغمات ما سمع، وقال للبنّاء: إرفع أسقف بيتي قدر ما استطعت فكما عرفت للتو أن في ارتفاع الأسقف بركة للمسكن وخير للساكن. إستجاب البناء لما أُمر وصار يرفع من الأسقف أقصى ما تتحمل الأعمدة، حتى عندما اكتمل البناء كان البيت هو الأعلى في الحي.
في يوم الانتقال إلى البيت الجديد تجمَّع أهل الحي عند الباب ليباركوا للمسكين وعائلته المسكينة اكتمال هذا البيت الشاهق وليمدحوا ذكائه في التصميم. ابتهج المسكين بانعجاب الناس فبرزت ابتسامته طوال عملية نقل الأثاث من الشاحنة إلى باب البيت. ثم عرض الناس عليه أن يساعدوه في حمل الأثاث إلى طوابق البيت الثلاثة طمعاً منهم بالتمتع بمنظر الأسقف المرتفعة.
هنا بدأت حقيقة الأسقف بالانكشاف: لم يطل الوقت حتى تعب الناس من حمل الأثاث صعوداً على عتبات الدرج العديدة: الأسقف المرتفعة تؤدي إلى أدراج عميقة كأنها جبال عاتية عند الصعود ووديان سحيقة عند النزول. أُرهق الناس من تسلقهم المستمر وعلى ظهورهم ثقل الأثاث فكانت أعينهم تسابق أقدامهم في عد العتبات اللانهائية، حتى أنهم نسوا أن يرفعوا نظراتهم للأسقف المرتفعة.
بعد بضعة أشهر من الاستقرار في البيت الجديد ظهرت مشاكل أخرى سببها ارتفاع الأسقف، فكلما انطفأت لمبة أو سالت قطرات ماء من فتحات التكييف اطُّر المسكين لجلب أطول سلم وجده في السوق، فأصبحت عملية تغيير لمبة رحلة مرعبة و خطرة: يصعد السلم مرتجفاً و جميع أفراد عائلته المسكينة يتشبثون بأرجل السلم لمنعه من التأرجح والسقوط. عند وصوله إلى الأعلى يضطر إلى رفع كلتا يديه للفك و التركيب فيشعر أنه سيهوي إلى نهايته في أي لحظة، يحاول جهده منع عينيه من اكتشاف بعده عن الأرض و يلهي نفسه بهمسِ ما يتذكر من الآيات والأدعية.
في أول ليالي شهر رمضان لذلك العام فكر المسكين أن يصعد إلى السطح ليرى ما إذا كان ارتفاع البيت سيمكنه من رؤية الهلال. لهذه المهمة قرر أن يدعوا بعض جيرانه ذوي الخبرة، فكانوا خمسة عنما صعدوا السطح ساعةً قبل الغروب. سرعان ما وصلوا انبهروا جميعهم بجمال منظر الشمس المحترقة على نار الأفق و السماء المشتعلة حُمْرة و صُفْرة. بعد لحظة من التأمل الهادئ لاحظوا أنهم لم يكونوا وحدهم المنعجبون بذلك المنظر الخلاب، فالطيور كانت على امتداد الدرابزين وأنابيب المياه وآلات التكييف، بل و كان السطح مليء بالريش المبعثر والأعشاش المهجورة والبيض المكسور وأشياء أخرى! وقتها عرف المسكين أن الطيور تحب أن تقيم بيوتها على الأبنية المرتفعة، وأن لكل قرار معماري نتائج كثيرة، بعضها واضح وأكثرها لا يكشفها إلا الزمن.
No comments:
Post a Comment